أثبت المجلس النيابي في جلسته الأخيرة أنه سيّد نفسه، لا “مجلس الرئيس نبيه بري”، بعدما قال خمسةٌ وستون نائبًا كلمتهم:
"صَدِّق يا دولة الرئيس أنك لا تستطيع أن تُصدِّق من دوننا."
بهذه الرسالة السياسية الواضحة، برزت لحظة كسرٍ للتوازن التقليدي الذي حكم العلاقة بين الكتل النيابية ورئاسة المجلس، في مشهدٍ قرأته أوساط مراقبة على أنه تحوّل نوعي في المزاج البرلماني والمعارض.
مصادر نيابية واكبت الاتصالات التي سبقت الجلسة كشفت لـ"نداء الوطن" أنّ التواصل بدأ يوم الجمعة بين النواة الصلبة للمعارضة المؤلفة من "القوات اللبنانية" و"الكتائب" وعدد من النواب المستقلين والتغييريين، واستُكمل ليل الأحد بجهدٍ مشتركٍ شمل كتلة الاعتدال.
وبحسب المصادر، فإنّ التحرّك كان لبنانيًّا محضًا، بعيدًا عن أيّ تأثيرات أو ضغوط خارجية كما حاول البعض الإيحاء، فيما تولّت "القوات اللبنانية" دورًا محوريًا في تنسيق الموقف النهائي الذي أفضى إلى مشهد الجلسة.
وترى المصادر أنّ ما حصل شكّل نقطة تحوّل في مقاربة الملفات السياسية، إذ لم يعد ممكنًا إدارة المرحلة المقبلة بأدوات قديمة أو بمنطق المحاصصة التقليدي.
وتضيف أنّ على الحكومة أن تتعامل بجدّية مع مشروع القانون الذي قدّمه وزير الخارجية يوسف رجي، وأن يُبحث في جلسة مجلس الوزراء، لأنّ التحديات الإقليمية الراهنة تتطلّب قرارات استثنائية من النواب والحكومة على حدّ سواء.
أما عن عدد النواب الحاضرين فعليًا داخل القاعة، فتؤكد المصادر أنّ العدد بلغ 57 نائبًا فقط، فيما بقي خمسة نواب في حرم المجلس على استعداد للدخول إذا اكتمل النصاب بـ61، لكن ذلك لم يحصل، ما دحض الأرقام المتداولة عن حضور 62 نائبًا.
وبهذا، يكون المجلس قد وجّه رسالة مزدوجة: أولًا، أنّه ليس أداة بيد الرئاسة، وثانيًا أنّ الشرعية النيابية لا تُمنح بالعرف بل بالحضور الفعلي والإرادة السياسية.