غَيّب الموت الإعلامي بسّام براك بعد معاناةٍ طويلة مع مرضٍ عضال، قاومه بصبرٍ وشجاعةٍ حتى الرمق الأخير، وظلّ مثالاً للقوة والإصرار حتى خَذلَه الجسد وغلبه الألم.
اشتهر الراحل من خلال عمله مذيعًا للأخبار في قناة LBCI، حيث تميّز بفصاحته وتمكّنه من اللغة العربية، فكان ضليعًا بها حدّ الإتقان، وصاحب حضورٍ لافتٍ وصوتٍ مهيبٍ ترك أثره في ذاكرة المشاهدين.
إلى جانب عمله الإعلامي، كان أستاذًا في الجامعة الأنطونية، ومدرّبًا في الأداء الإخباري والإلقاء بالفصحى، نقل خبرته وشغفه باللغة إلى أجيالٍ من الطلّاب والإعلاميين. كما ألّف كتابًا بعنوان "توالي الحبر"، جمع فيه بين الفكر واللغة والحسّ الإنساني العميق.
الراحل متزوّج من السيدة دينز، وله ثلاثة أبناء: غدي، رنيم، ونينار، الذين شكّلوا له مصدر قوّةٍ ودافعًا للحياة رغم الألم الطويل.
برحيله، يفقد الإعلام اللبناني صوتًا صادقًا ومدرسةً في اللغة والإلقاء، فيما تبقى بصمته شاهدةً على مسيرةٍ ملؤها الشغف والالتزام والصدق المهني.
ونعى رئيس الجمهورية جوزاف عون، الإعلامي بسام براك في بيان قلائلاً: “مرة أخرى يسرق منا الخبيث صورة بهية، بسّام براك، الوجه الرصين والكلمة الأنيقة واللغة العربية الأكثر إتقاناً وحِرفية”.
وأضاف البيان: “يرحل تاركاً ذكرى مليئة باحترام كل من عرفه وتقدير كل من زامله وأسف الجميع”.
وقدم الرئيس التعازي الحارة لأهله وزملائه وكل عارفيه، وختم: “يبقى العزاء الأكبر أننا سنظل نتذكره، كلما تساءلنا عن الصح والخطأ في كلمة، مؤكدين أن بسام كان الصح دوماً”.بدورها اصدرت نقابة محرري الصحافة اللبنانية البيان الآتي :
ونعت نقابة محرري الصحافة اللبنانية الزميل بسّام براك الذي غيبه الموت وهو في مقتبل العمر مخلفاً الحسرة والحزن لدى عارفيه وقادري عطاءاته، وهو الذي احترف الصحافة منذ العام 1992، أيّ وهو في العشرين، كاتباً في مجلة المسيرة" ، ومذيعاً في أخبار "المستقبل"، و"المؤسسة اللبنانية للارسال" ، وإذاعة "صوت لبنان" فاذاعة "صوت كل لبنان"، الى أن أصيب بعارض صحّي حدّ من قدراته، واوقف مشروعاته الواعدة. كما كانت له مقالات في كل من جريدتي "النهار والانوار"، الى ذلك مارس تدريس اللغة العربية وآدابها التي يحمل إجازة فيها. وللراحل كتاب أدبي بعنوان "توالي الحبر – 2018، و "كتاب الاملاء – 2016"، وهو كان مشرفاً على مسابقات الاملاء لسنوت طوال، وكان لهذه المسابقات الوقع والدويّ في المنتديات الثقافية والادبية اللبنانية والعربية. انتسب الى نقابة محرري الصحافة اللبنانية في العام 2020.
ونعاه النقيب جوزف القصيفي فقال: بسّام براك الوديع، المتواضع القلب، الذهبي الفمّ، الماسي القلم، رندح أغنية الرحيل، وخطّ السطر الاخير في مسيرة حياته ومضى الى جوار ربه راضيّاً بنصيبه من دنياه التي ملأها حضوراً على الشاشات وعبر موجات الاثير وعلى صفحات الجرائد والمجلات، بما إمتلك من موهبة، وما إكتنه من معرفة معجمية بدقائق لغة الضاد، حتى غدا مرجعاً يفزع اليه عندما تستغلق بعض المسائل، وهو الذي أدار مسابقات الاملاء لسنوات طوال بكفاية وإقتدار، ومعه أضحت في صدارة الاستحقاقت الثقافية الوطنية.
خطيب مفّوه، مذيع يجمع سرعة البديهة الى سلامة النطق والتمكن من مخارج الحروف، عاشق للغة العربية، جوال في آدابها ونحوّها وصرفها وفقهها، ولست إغالي إذا قلت انه كان رائد اللغويين الشباب على ندرتهم. كان مهذباً، لطيفاً ، محببا، منفتحا، لا يوصد بابه امام طالب مشورة او خدمة. على يديه نشأت أجيال من الطلاب الذين حفظوا له المودة والاحترام، ومن المذيعات والمذيعين الذين يدينون له بالعرفان لانه ذخرّهم بالمعرفة والثقافة اللغوية والاذاعية.
ثلاثة وخمسون عاماً صرف منها ثلاثة وثلاثين في العمل والجهاد، أمضاها بين الورق والحبر والطبشور ووراء المذياع والشاشة، فتكدست على بيدره اغمار النجاح قبل أن يدهمه المرض "دهم المخاض للحبلى" على ما يقول القديس بولس، ففترت منه العزيمة، ووهنت القوة، على رغم تجالده. لكنه في نهاية المطاف كبا عن جواد العمر فارساً زاده العطاء الذي بلغ ذرى الابداع، بعدما عزف سمفونية الوداع على أوتار الاسى الذي لامس قلوبنا.
فامض يا رعاك الله الى حيث لا حزن ولا الم، يا تراباً فتّ مسكاً في التراب.
كما نعى نادي الصحافة الاعلامي الزميل بسام براك الذي إنتقل اليوم إلى الأخدار السماوية، واصدر البيان الآتي: "برحيل الاعلامي الراقي الأستاذ بسام براك، يفقد الاعلام اللبناني والعربي صوتاً مميزاً إتسم بالهدوء والاحترام والمهنية العالية. ترك بصمة في قلوب مَن عرفوه، وعلّم أجيالاً اللغة العربية والأداء ومعنى الالتزام بالكلمة والرصانة والتعبير عن الرأي.
كان الزميل بسام براك يفيض ثقافة، وكانت اطلالاته عبر اذاعة "صوت لبنان" ثم عبر المؤسسة اللبنانية للارسال انترناشيونال وتلفزيون "المستقبل" وغيرها من وسائل الاعلام تحمل الكلمة الحرة والمسؤولة والدفء والصدق وكل الاحترام للمستمع والمُشاهد. وكانت مسابقاته في الإملاء تجربة رائدة وغير مسبوقة، تُبرز حرصه العميق على إبراز جمالية اللغة العربية وترسيخ مكانتها.
رحل بسام براك اليوم سريعاً قبل أن يستكمل نادي الصحافة التحضيرات لمراسم تكريمه. يغيب صوته وحضوره ولكن يبقى صدى كلماته وبهاء كتاباته وأثر محاضراته، سيبقى بسام براك رمزاً للرقي وللاعلام الأصيل ومعلماً واعلامياً بلا ضجيج، وستبقى اللغة العربية تذكرك بكل فخر".