تؤكّد مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، أنّ الاحتمال الأقرب إلى الواقع بعد اتفاق غزة، هو أن يتوجّه الأميركيّون مباشرةً نحو لبنان، لإطلاق ما يسمّونه مسار الحلّ السياسي وترسيخ الهدوء على جانبَي الحدود الجنوبية، كاشفة عن إشارات ديبلوماسية غربية وردت إلى مراجع مسؤولة، تفيد بتحضيرات لإطلاق مفاوضات في المدى المنظور، لكن من دون أن توضح المصادر «شكل المفاوضات، وما إذا كانت ذات طابع أمني أو سياسي أو أمني وسياسي معاً».
واللافت في هذا السياق، ما أكّد عليه مرجع كبير لـ«الجمهورية»، لجهة رفض لبنان المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، أو إعطاء أي مفاوضات قد تحصل أيّ بُعد سياسي، وما طرحه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، عكس من جهة الموقف اللبناني الجامع، بأنّ لبنان لا يُريد الحرب، وحدّد من جهة ثانية ما يمكن للبنان أن يقبل به على هذا الصعيد، أي مفاوضات على غرار مفاوضات ترسيم الحدود البحرية التي رعاها الأميركيّون عبر آموس هوكشتاين، تحقق الوقف الفوري للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، والانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة، وإطلاق الأسرى اللبنانيِّين، وتمكين أبناء القرى والبلدات اللبنانية المدمّرة جراء العدوان الإسرائيلي من إعادة إعمارها.
وفي رأي المرجع الكبير عينه، فإنّ مسار الاتفاق على جبهة لبنان لا تعتريه صعوبات كمثل الصعوبات والتعقيدات التي اعترت وتعتري مسار الاتفاق في غزة، لأنّ ثلاثة أرباع الطريق منجزة، ولسنا في حاجة إلى تسوية جديدة، إذ لدينا تسوية قائمة محدّدة مندرجاتها في اتفاق وقف الأعمال العدائية المعلن في 27 تشرين الثاني من العام الماضي، وكذلك في القرار الدولي 1701. ولبنان بشهادة كل العالم، ومعهم قيادة «اليونيفيل» ولجنة الإشراف على تنفيذ الاتفاق، التزم بالكامل بكل تفاصيلها، والجيش اللبناني يقوم بمهامه كاملة بالتنسيق والتعاون مع قوات «اليونيفيل» جنوب الليطاني وفق منطوق القرار 1701، ولبنان على مستوياته الرسمية جميعها يؤكّد أنّه لا يُريد الحرب، بل ترسيخ الأمن والاستقرار، والرئيس عون حدّد في كلامه الأخير أنّ مكمن المشكلة هو لدى إسرائيل وليست لدى لبنان، ما يعني أنّ اتفاق 27 تشرين والقرار 1701 ملتزَمٌ بهما من طرف واحد هو لبنان، وليس المطلوب إلّا إلزام إسرائيل بصورة جدّية بمندرجات القرار الدولي، واتفاق وقف عدوانها على لبنان، واستباحتها المتمادية لأجوائه بـ»قناصات مسيّرة» لاغتيال المواطنين. والأميركيّون، وعلى غرار ما فعلوه لفرض اتفاق غزة، يملكون بالتأكيد قدرة الضغط والإلزام على إسرائيل».