كشفت صحيفة "الديار" نقلاً عن مصادر سياسية بارزة، أن دعوة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزف عون للتفاوض مع إسرائيل ليست منسقة مع الجانب الأميركي، بل جاءت كمبادرة لبنانية تهدف إلى حجز مكان للبنان على طاولة التسويات الإقليمية، مستفيدًا من المناخ الدبلوماسي الذي أطلقه اتفاق غزة في قمة شرم الشيخ.
ووفق المصادر، فإن المقترح اللبناني سبق أن طُرح أمام الموفدين الأميركيين توم براك ومورغان أورتاغوس، إلا أن الرد الإسرائيلي عبرهم كان سلبيًا بشكل قاطع، حيث رفضت تل أبيب مبدأ التفاوض، واعتبرت أن على لبنان "الخضوع للشروط الإسرائيلية" دون نقاش، في وقت لم تظهر واشنطن أي نية للضغط على إسرائيل للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار المبرم في تشرين الثاني الماضي.
مصادر دبلوماسية أخرى عبّرت عن خشيتها من أن يسبق الرد الإسرائيلي الميداني أي جواب دبلوماسي أميركي، خصوصًا أن حكومة الاحتلال تعيش أزمة داخلية عميقة، وقد تلجأ إلى التصعيد مع لبنان لصرف الأنظار عن تنازلاتها في غزة، وخلق وحدة سياسية داخلية عبر "خطر خارجي"، وسط جمود سياسي ودبلوماسي في ظل غياب حكومة فاعلة في إسرائيل.
وكان الرئيس الأميركي دونالد تامب قد خصّ لبنان بجزء من خطابه أمام الكنيست، مثنيًا على دور الرئيس عون وداعيًا إلى نزع سلاح حزب الله، ومعتبرًا أن الحزب "تم تدميره" وأن لبنان "يقوم بعمل رائع على هذا الصعيد"، كما أشار إلى رؤيته لـ"روابط تجارية مستقبلية بين بيروت وحيفا، والقدس ودمشق، وتل أبيب ودبي".
الرئيس جوزف عون، من جهته، أكد خلال لقاء مع جمعية الإعلاميين الاقتصاديين، أن لبنان سبق أن خاض مفاوضات مع إسرائيل عبر الأمم المتحدة والوساطة الأميركية، ونجح في ترسيم حدوده البحرية، متسائلًا: "فما الذي يمنع تكرار الأمر نفسه لحل القضايا العالقة؟". وأضاف أن إسرائيل لجأت للتفاوض مع "حماس" بعد فشل الحرب، معتبرًا أن "المنطقة تتجه نحو التسويات، وعلى لبنان ألا يبقى خارج هذا المسار".
أما عن الاعتداءات الإسرائيلية، فأكد عون أن لبنان ملتزم باتفاق وقف إطلاق النار، في حين تواصل إسرائيل انتهاكاتها، وآخرها استهداف معدات مدنية في المصيلح، مطالبًا بتدخل أميركي وفرنسي جدي لوقف التصعيد.
وفي موقف لافت، أوضح السفير المصري في لبنان علاء موسى أن "لبنان كان حاضرًا بقوة في قمة شرم الشيخ"، مشيرًا إلى أن شرط الانخراط في مسار التسوية هو "إنهاء مسألة السلاح خارج الدولة"، وداعيًا لبنان إلى الاستفادة من المناخ الإقليمي الإيجابي.