عاجل:

القمة الروسية-العربية.. لبنان تحت ضغط دولي في معركة النفوذ!

  • ٤٩

تتجه الأنظار نحو العاصمة الروسية موسكو في 15 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، حيث تستعد لاستضافة القمة الروسية-العربية الأولى من نوعها، والتي تكتسب أهمية إستراتيجية كبرى، وسط تحركات دبلوماسية معقدة وضغوط غربية تستهدف لبنان تحديداً.

القمة التي دعت إليها موسكو جميع قادة الدول العربية، إضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، شهدت توجيه دعوة خاصة للرئيس السوري أحمد الشرع، في خطوة تعكس رغبة موسكو في دمج دمشق في الأطر الإقليمية والدولية الجديدة، ومواصلة توسيع نفوذها في الشرق الأوسط.

في هذا الإطار، يرى محللون أن تطوير العلاقات مع روسيا قد يمنح الدول العربية، ولبنان على وجه الخصوص، هامش مناورة أوسع على الساحة الدولية، ويُخرج اللعبة من قبضة الضغوط الغربية المتزايدة.

لكن لبنان يواجه تحديات كبيرة، إذ وصلت إلى موسكو تقارير عن ضغوط من قبل بريطانيا، الولايات المتحدة، فرنسا، وأوكرانيا، تقضي بمحاولة تقييد أو تجميد مشاركة بيروت في القمة.

هذه الضغوط أثارت جدلاً واسعاً في لبنان، حيث تُعتبر محاولة تستهدف سيادة البلاد التي لم تمض فترة طويلة على خوضها حربًا مدمرة مع إسرائيل، ويشعر اللبنانيون بأنهم يُرغمون على قبول شروط سياسية واقتصادية إقليمية يصعب تحملها.

وفيما تنفي الأوساط الرسمية اللبنانية وجود هذه الضغوط بشكل رسمي، تؤكد أن القرار النهائي بشأن المشاركة أو مستوى التمثيل في القمة لا يزال قيد الدراسة، مع إبقاء الباب مفتوحاً حتى موعد انعقاد القمة، وسط توقعات بتغيرات في المشهد السياسي والاقتصادي.

وتكتسب المواقف اللبنانية أهمية إضافية في ظل الدور المحوري الذي تلعبه روسيا في المنطقة، حيث تُعد وسيطًا رئيسيًا في محادثات تسوية الصراع العربي-الإسرائيلي. ويُعد حضور لبنان جزءاً من حقه الطبيعي كعضو فاعل في الجامعة العربية، ولما يمكن أن تعود به هذه المشاركة من فوائد اقتصادية، عبر فرص استثمارية وتعاون جديد يعزز موقعه الدولي المتأثر بالأزمة الاقتصادية العميقة.

على الجانب الاقتصادي، تسعى موسكو من خلال القمة إلى إطلاق مبادرات صناعية وتجارية متنوعة، تشمل إنشاء "منصة للتعاون الصناعي"، وتطوير آليات للتبادل التجاري، بالإضافة إلى شراكات في قطاع الطاقة التقليدية والمتجددة مع الدول العربية. ويأتي ذلك ضمن توجه موسكو لتعزيز نظام دولي متعدد الأقطاب، مستهدفةً تقديم نفسها كبديل أو موازٍ للنفوذ الغربي في المنطقة.

الاستثمارات الروسية الضخمة التي تجاوزت 19 مليار دولار في العراق ومشاريع أخرى في مصر وقطر، تعكس مدى جدية موسكو في ترسيخ حضورها الاقتصادي والسياسي في المنطقة، مستغلة هذه الأذرع كأوراق ضغط ذات تأثير مباشر.

وفي مفارقة لافتة، الدول الغربية التي تضغط على لبنان وبلدان أخرى للامتناع عن حضور القمة، ليست مدعوة إليها أصلاً، وهو ما يكشف ازدواجية في الخطاب الغربي بين محاربة النفوذ الروسي ومنع توسع علاقاته، وفي الوقت نفسه محاولة الحفاظ على الهيمنة القديمة في المنطقة.

في المحصلة، يشكل منع لبنان من المشاركة في هذه القمة خطوة تعزز الانكفاء السياسي والاقتصادي، بينما يسعى الآخرون لبناء تحالفات جديدة ترسم ملامحها في موسكو وعدة عواصم إقليمية.