عاجل:

الناس ومزاج "السوشيل ميديا": ترندات عابرة.. وقيم تتبدل (خاص)

  • ٤٩

خاص – "إيست نيوز"

عبير درويش

ما الذي يجعل الناس يتفاعلون مع مقطع ساخر أو صورة مثيرة، بينما يتجاهلون قضايا إنسانية، حقوقية، أو معرفية؟ هل تغيّر الجمهور فعلًا أم أن المنصات الرقمية هي من أعادت تشكيل المزاج الجمعي؟

في عصر الخوارزميات، أصبح "الترند" هو البوصلة، والسطحية هي القاعدة، بينما القيمة تُستثنى إن لم تكن مثيرة بما يكفي.

بين الخوارزميات والمزاج العام

الخوارزميات تُبرمج على تحفيز المشاعر والانفعالات لا على نشر المعرفة. المحتوى الذي يُثير غضبًا أو تعاطفًا أو مفاجأة، يُدفع للأعلى، بينما يُهمل المحتوى التحليلي أو التوعوي لأنه لا يُحقّق تفاعلًا سريعًا. هذه الآلية تعيد تشكيل أولويات الناس، بحيث يتبعون ما يُعرض، لا ما يستحق المتابعة.

د. مرام الحكيم: "تبدل القيم سريع"

في حديث لمنصة "إيست نيوز"، أشار د. مرام الحكيم إلى أن المجتمع يشهد "تبدلًا سريعًا ومفاجئًا في القيم والمعايير"، وهذا التبدل لا يحدث في فراغ، بل يرتبط بالضغوط الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، وبتأثير الإعلام الجديد.

ويقول: "الحفاظ على القيم والمعايير المجتمعية بات صعبًا جدًا. هذا الاضطراب في المنظومة الأخلاقية هو نتيجة تراكمات وضغوط، وليس فقط قرارًا فرديًا."

هذا التصريح يربط المزاج المتقلب للجمهور بتغيرات أعمق في البنية النفسية والاجتماعية، تزداد سوءًا حين تكون وسائل التواصل هي المتنفس الوحيد.

مشاعر مكبوتة في فضاء عام

من الزاوية النفسية، يؤكد د. الحكيم أن التعبير عن المشاعر، خاصة الغضب والخوف، طبيعي بل وصحي. لكنه يُحذّر من المسارات غير الآمنة لذلك التعبير، ويقول:

"التعبير عن المخاوف وعدم كبت الغضب أمر مهم للصحة النفسية، لكن السوشيل ميديا ليست دائمًا البيئة السليمة لذلك، إذ قد تتحول إلى ساحة تشهير أو استغلال."

هنا تبرز إشكالية كبيرة: حين تتحول مشاعر حقيقية إلى "محتوى" علني، يُشارك ويُقيَّم، يصبح الناس عرضة للسخرية أو الاستغلال بدلًا من الدعم.

الواجهة الاجتماعية لا تعكس الحقيقة

من زاوية أخرى، يقول الحكيم: "الأعراف ونظرة المجتمع لا تُظهر العلاقات على حقيقتها، بل تُجمّلها أحياناً، وتُشوّهها في أحيان أخرى، خاصة في قضايا الطلاق والعلاقات الشخصية."

هذا الكلام ينسحب أيضًا على ما يُعرض على منصات التواصل: كثير من الناس يُظهرون جانباً من حياتهم لا يُمثّلهم بالكامل، مما يخلق مقارنات زائفة وضغوطًا نفسية متزايدة، ويُغذّي المزاج الاستهلاكي للعلاقات والآراء.

بين الحرية والاستغلال

صحيح أن السوشيال ميديا فتحت باب التعبير للجميع، إلا أن غياب الرقابة الذاتية والضوابط الأخلاقية جعل المزاج العام يُستغل لأهداف تجارية أو سياسية أو حتى شخصية.

باتت الترندات السطحية تُستخدم لأغراض دعائية، وأصبح الناس أنفسهم يتاجرون بمشاعرهم في مقابل "الإعجاب" أو "التفاعل".

كذلك أشار عمر قصقص خبير وسائل التواصل أن هناك:

• إرشادات عامة لوسائل التواصل الاجتماعي:

إظهار الاحترام والإنصات، وتوضيح الغرض من التواصل، وفهم خصائص الأدوات الرقمية، وحماية خصوصية الآخرين.

• تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية:

الاستخدام المفرط قد يؤدي إلى القلق، والشعور بالضياع أو الوحدة.

• نصائح للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي:

تحديد وقت الاستخدام، واختيار المحتوى الإيجابي، والحد من مشاركة المعلومات الشخصية لحماية الصحة النفسية.

• السلامة الرقمية:

حماية الحسابات الشخصية، والتفكير قبل النشر، وتجنب الروابط المشبوهة، والحذر من طلبات الصداقة من الغرباء.

خلاصة: هل ما يهمّنا فعلاً.. هو ما نراه؟

تصريحات د. مرام الحكيم تطرح تساؤلات جوهرية حول حالة "اللايقين" التي نعيشها: هل نحن نتابع ما نختار؟ أم أننا ضحايا اختيارات خوارزمية تُغذّي فقط ما يُثيرنا عاطفيًا

إن لم نُعد التفكير في كيفية تفاعلنا، ولم نُطوّر وعيًا نقديًا تجاه ما نراه وننشره، فستبقى المنصات ساحة للصخب، لا للحوار، وللضجيج لا للمعنى.


المنشورات ذات الصلة