عاجل:

لبنان في ’’ملعب الكبار‘‘ منهك ولا يموت ويؤثر الوصاية السعودية

  • ٢٣

 ’’نقترب من زمن ما بعد الإنسان حيث تسيطر الآلة‘‘. مقاربة دوّنها الكاتب والشاعر والمسرحي بول شاوول في إشارة إلى تحكّم الآلة مستقبلا وحلولها مكان الإنسان باستجابة كاملة للشركات المتعددة الجنسية والنيوليبرالية التي لا تبغي سوى الربح وإقصاء مئات الملايين من البشر عن سوق العمل وتتسابق على استثمار ثروات القمر والمريخ وسائر الكواكب.

 الشركات المتعددة الجنسية هي التي تصنع النظام العالمي الجديد. أما اسرائيل فتريد أن تكون الشريكة عن الشرق الأوسط في هذا النظام لكونها تستخدم ’’الآلة‘‘ العسكرية وتفوّقها في عالم المعلوماتية وتقنياته للتوسع الجغرافي وفرض الهيمنة السياسية والإقتصادية وإزاحة منافستيها تركيا وايران. وهي تلقى اعترافا من شريكها الأميركي وأطراف النظام الدولي الجديد الروسي والصيني والهندي. ذلك أن أوروبا الضعيفة تبحث عبثا عن مكان لها في المعادلات الدولية السياسية والإقتصادية بعد تهميشها في المعادلات الدولية.

 العملية العسكرية الاسرائيلية على قطر والتي تمت بمعرفة واشنطن وقد يكون أيضا بتورط ما يستهدف علاقة ’’حماس‘‘ بالدوحة والرغبة الاسرائيلية بتهجيرها إلى بلد آخر تدخل في سياق استكمال الهيمنة الاسرائيلية والحد من النفوذ التركي وحركة الأخوان المسلمين وكسر قيام أي محور عربي – اسلامي يضمر سياسة الردع كتوجّه استراتيجي. وقد يكون العنصر الطارئ في معركة النفوذ في الشرق الأوسط هو قيام تحالف سعودي باكستاني خارج الحسابات الايرانية والتركية على السواء ويرمي إلى ’’تحصين‘‘ وضع المملكة العربية السعودية بسلاح نووي. والملاحظ أن واشنطن لم تعترض ولم تؤيد خصوصا وأنها تتحفظ على التوجه السعودي بتوسيع دائرة الإعتراف الدولي بفلسطين وبدعم عالمي واسع ومن ’’الأمم المتحدة‘‘ وغالبية الدول الغربية. والتحفظ الأميركي والاسرائيلي على حل الدولتين يفسره كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو بأنه ’’خدمة مجانية لحماس‘‘.

 في مشهد كهذا لا تراجع في الضغوط الأميركية على لبنان. ولا السماح بإعادة إعماره وتشديد الضغوط على تركيا في سوريا مع اهتمام متزايد سعودي بترتيب التوازنات السياسية والاتنية فيها. والقصد من تشديد الضغوط على لبنان هو دفع الوطن الصغير إلى نوع من ’’الموت السريري‘‘ وتأليب الرأي العام على حزب الله علما بأن هناك تفهما من الرئيس جوزاف عون وقائد الجيش رودولف هيكل إلى تجنب أي مواجهة عسكرية تستتبع فتنة أهلية تخدم اسرائيل التي تتابع سياسة الإغتيالات والإعتداءات. أما واشنطن فإنها تتبع سياسة اللامبالاة.

 أيا يكن الأمر لبنان الآن هو في حالة نزيف حقيقي. فلا مجلس الأمن الدولي قادر على لجم الإعتداءات الإسرائيلية المتواصلة ولا محاولات الرئيس جوزاف عون إحداث تغيير ما في الموقف الأميركي إزاء لبنان توقف اندفاعة المبعوث الأميركي توم باراك بالتلويح بفتح حرب من اسرائيل على لبنان. ولا التضامن الاسلامي – العربي مع قطر يشكل عنوان ردع للسياسات الاسرائيلية رغم محاولات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تهدئة الداخل اللبناني وفتح الأبواب المغلقة وتفهم التحفظات اللبنانية. وهذه ناحية ايجابية للبنان ذلك أن المملكة العربية تملك حظوظا في أن تكون لاعبا اقليميا يحمل تمثيل العالمين العربي والاسلامي. وهذه ناحية لا يمكن أن يتجاهلها كبار اللاعبين ومن هنا يؤثر لبنان أن يكون تحت الوصاية السعودية لا كما روّج المبعوث الأميركي لوصاية اسرائيلية. ذلك أن لبنان استظل بالوصايات لأكثر من ألف سنة.

        عبد الهادي محفوظ


المنشورات ذات الصلة