عاجل:

للمواقع الطبيعية مذاهبها .. عن الروشة والتسويات اللبنانية (آراء حرة)

  • ٥٣

"آراء حرة" – "إيست نيوز"

زهير برو

لا ادري اذا كان عليّ ان أسخر من التسوية الطائفية المشينة التي توصل اليها ممثلي الشيعة مع ممثلي السنة ام ابكي على بلد بكيت عليه مرارًا ومنذ سنوات كثيرة.

لكن لا بأس ان ابدأ بإحصاء سريع للمواقع الطبيعية والاثرية في لبنان وفق توزيعها الطائفي للفائدة.

للسنة قلعة صيدا واسواقها التاريخية وقلعة طرابلس وأسواقها القديمة أيضا. مع الحريري خسر السنة اسواق بيروت التاريخية، وعمرها اكثر من الف عام، التي قام الحريري بمسحها لمصلحة مباني هجينة من مرحلة الاستعمار الفرنسي الاخير. لكن الله عوض بصخرة الروشة.

اما الشيعة فعندهم قلعة صور وقلعة الشقيف وبعض المزارات الدينية القديمة هنا وهناك. وللدروز قصر بيت الدين والمير امين وقلعة راشيا. وللموارنة مغارة جعيتا ولوحات نهر الكلب ووادي فاديا والكثير من الكنائس. اما باقي الطوائف فليس لديهم شيئ يذكر او اتذكره.

اما قلعة بعلبك، وهي المعلم الاهم الذي يقع في الجغرافيا الشيعية، فقد وضع الموارنة اليد عليها منذ الاستقلال لأهميتها الكبرى ولأنهم كانوا الطائفة المميزة الذي اعطي لها مجد لبنان.

لكل هذه الأسباب اتفهم التسوية التي اعطت اهل بيروت، السنة، حق الفيتو على اضاءة الروشة لمصلحة طائفة الشيعة. لماذا لا يذهب الشيعة لعرض صور شهداءهم على جدران قلعة صور او الشقيف؟ أليس الاصرار على الروشة هو تعدي على حقوق اهل السنة اهل بيروت من السنة؟ وربما كان بالإمكان ان يعرضوها في قلعة بعلبك، طبعًا بعد تحريرها من سلطة الموارنة، ولم يفعلوا. لماذا صخرة الروشة السنية؟

لكن بين إصرار الرئيس نواف سلام وحكمة الرئيس بري ألهم الله الرجلين في تفادي انفجار الاحتقان الطائفي من اجل خلاص لبنان!

هللويا، الوطن النهائي لطوائف من فلول القرون الوسطى، نجا بفضل تسوية عبقرية تمنع اضاءة صخرة الروشة وحصر عدد حضور ذكرى استشهاد سيد المقاومة بخمسمائة شخص!

غريب امر اللبنانيين ونفاقهم لماذا لم يتعلم احدا من عشرات الصراعات الاهلية التي احرقت البلاد؟ ولماذا لم يستفد احدا من الدستور الجديد، بعد ١٥ عامًا من اوسخ الحروب الاهلية، الذي نص على الغاء الطائفية وفق جدول زمني محدد ودقيق؟

الان يلوح "الثنائي الشيعي" بان حصاره سيدفعه للمطالبة بتطبيق الدستور واللي بدو يصير يصير! غريب امرهم! اذا لم تخني ذاكرتي فمن عطل تطبيق الدستور هما الرئيسين بري ورفيق الحريري. نعم لقد قلت للرئيس بري قبل انتخابات ١٩٩٦ النيابية ببضعة اشهر : "هي فرصة يا دولة ألرئيس لإلغاء الطائفية السياسية وفق الدستور"

فاتاني الجواب متهكما: "لنصير متلهم قبل يا دكتور".

لا اعرف إذا صرنا مثلهم ام لا حتى يطالب الرئيس بري اليوم بتطبيق الطائف.

بؤس هذه البلاد التي لا تستحق دمعة واحدة بل السخرية والغضب لأنها بلاد لم يتعلم اهلها شيئًا من مآسي الماضي ولا الحاضر ولا المستقبل، ولأنها بلاد لا تريد ان تتغير، لأنها في اعماقها هي مقتنعة انها غير قابلة للحياة.

المنشورات ذات الصلة