أشارت جريدة "الجمهورية" إلى أنه في ظل تصاعد التوتر السياسي الداخلي، شهدت بيروت فعالية شعبية ضخمة نظمها "حزب الله" مساء أمس عند صخرة الروشة، إحياءً للذكرى الأولى لاستشهاد السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين.
الفعالية، التي شملت عرضًا ضوئيًا على الصخرة بصور رمزية وزعامات لبنانية، مرّت من دون أي حوادث أمنية، رغم الجدل السياسي الحاد الذي سبقها ورافقها، وأبرز تجلياته اعتراض رئيس الحكومة نواف سلام الذي وصف ما حدث بأنه "انقلاب على الالتزامات" و"سقطة جديدة" للجهات المنظمة، وقرر على إثر ذلك إلغاء جميع مواعيده في السراي الحكومي.
سلام: مخالفة صريحة.. والنيابة تتحرك
رئيس الحكومة أكّد في بيان على منصة "إكس" أن الفعالية "خَرقت مضمون الموافقة الرسمية" التي منحت من محافظ بيروت، والتي نصّت صراحة على "عدم إنارة صخرة الروشة".
وطالب سلام بإجراء تحقيقات فورية وتوقيف المسؤولين عن الفعالية، مشددًا على ضرورة احترام هيبة الدولة والقانون. وذكرت مصادر حكومية أن النيابة العامة التمييزية طلبت من الأجهزة الأمنية استدعاء المتورطين في إضاءة الصخرة.
"حزب الله": الاحتفالية سلمية ومنضبطة.. وردود سياسية على سلام
في المقابل، نقلت "الجمهورية" عن مصادر قريبة من "حزب الله" قولها إنّ الفعالية كانت منظمة بشكل مسؤول، ولم تتسبب بأي توتر، مشيرة إلى أن "الصخب السياسي" الذي رافقها كان مفتعلًا ولا يعكس حقيقة بيروت المقاومة، خصوصًا أنها احتضنت مقاومة الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1982.
وأكدت المصادر أن الحشد الشعبي الكبير، والانضباط الكامل، وجّهوا رسائل سياسية وشعبية أبرزها: أن المقاومة ما زالت حاضرة، وأن أي محاولات لعزلها أو محاصرتها لن تنجح.
كما لفتت إلى أن عرض صورة الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى جانب السيد حسن نصرالله، كان هدفه التأكيد على وحدة المصير في مواجهة إسرائيل، التي "اغتالت الطرفين".
ردود داخلية وتهديد بدخول الأزمة في منعطف جديد
ردود سياسية أخرى صدرت، بينها تعليق من مسؤولين في الحزب على ما اعتبروه "رد فعل غير مسؤول" من نواف سلام، مشيدين في المقابل بدور الجيش اللبناني الذي "تصرف بحكمة ولم ينجرّ إلى التصعيد".
وتوقعت مصادر سياسية أن تتسبب هذه التطورات بتوتر إضافي في العلاقة بين رئاسة الحكومة و"حزب الله"، ما قد ينعكس سلبًا على التعاون داخل المؤسسات، وربما على مستقبل الحكومة نفسها في ظل الاستقطاب الحاد.
في نيويورك: مؤشرات إلى فتور أميركي تجاه لبنان
على خط موازٍ، أشارت مصادر دبلوماسية إلى فتور ملحوظ في تعاطي الولايات المتحدة مع الوفد اللبناني المشارك في اجتماعات الأمم المتحدة، مقابل حفاوة بالوفد السوري.
وأثار هذا التباين تساؤلات حول مستقبل الدعم الأميركي للبنان، لا سيما في ظل مواقف متكررة من مسؤولين أميركيين تؤكد أن نزع سلاح "حزب الله" خط أحمر، وترى في تقاعس الحكومة "فرصة لإسرائيل" لزيادة الضغط.
موقف أميركي متجدد: نزع السلاح شرط لاستقرار لبنان
وفي موقف جديد، قال الموفد الأميركي توم برّاك عبر "إكس" إن واشنطن "تواصل دعم جهود لبنان لبناء دولة القانون"، لكنها ترى أن تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية الموقع في تشرين الثاني 2024 "يتطلب نزع سلاح حزب الله".
كذلك صرّح مستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، مسعد بولس، أن نزع السلاح من جميع الفصائل في لبنان، وليس فقط من "حزب الله"، هو "شرط غير قابل للتفاوض" لدعم الدولة اللبنانية.
خلاصة
تظهر فعالية الروشة بوصفها أكثر من مجرد حدث رمزي أو شعبي؛ بل محطة مفصلية تعيد فتح ملف العلاقة بين الدولة والمقاومة، وتُدخل لبنان في مواجهة سياسية داخلية، قد تتقاطع قريبًا مع ضغوط خارجية لا تقلّ حدّة.