عاجل:

صورة على صخرة أم صورة للدولة!؟ (خاص)

  • ٥٦

خاصّ – "إيست نيوز"

مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، يتردّد أن الحزب يعتزم إضاءة صخرة الروشة بصور الراحل وخليفته الشيخ هاشم صفي الدين. وإن كانت خطوة تبدو في ظاهرها تكريماً حزبياً، لكنها في العمق تفتح الباب أمام جدل وطني واسع يتجاوز المناسبة، لتطرح أسئلة حول السيادة والشرعية ومعنى الرموز المشتركة في بلد يعيش أزمات متراكمة.

الروشة: أكثر من صخرة في البحر

صخرة الروشة ليست مجرد تكوين طبيعي يزيّن الكورنيش البحري لبيروت، بل هي معلم وطني ورمز محمي بالقانون ومُرتبط بوجدان اللبنانيين كجزء من هوية العاصمة. هذا المعلم يمثل مساحة التقاء بين مُختلف الفئات، ما يجعل أي محاولة لإخضاعه لمنطق حزبي محمّلة بتداعيات أبعد من حدود المُناسبة، ويزيد من حساسية أي خطوة تُتخذ تجاهه.

البعد القانوني والسياسي

من الناحية القانونية، الأملاك العامة البحرية محمية بالقوانين المرعية، ولا يجوز إشغالها أو استثمارها إلا بترخيص صريح من السلطات المختصّة، أي بلدية بيروت ومحافظها وبالتنسيق مع الوزارات المعنية كوزارة البيئة والثقافة. أي محاولة لتجاوز هذه الإجراءات تُعد مخالفة صريحة للقانون وقد تستوجب ملاحقة جزائية.

على الصعيد السياسي، يحوّل تعليق صور قيادات حزبية على معلم وطني الصخرة إلى أداة رمزية لإبراز الهيمنة السياسية على المجال العام، في بلد هشّ مثل لبنان حيث لا تزال الدولة تكافح لتثبيت شرعيتها. الأمر يطرح تساؤلاً جوهرياً: إذا عجزت الدولة عن تطبيق القانون على صخرة الروشة، فكيف يمكنها فرضه على الحدود، الأمن، أو الموارد الاقتصادية؟

المؤيدون: "وفاء لرمز المقاومة"

في المقابل، يرى البعض أن الأمر لا يخرج عن كونه تكريماً لشخصية استثنائية. يقول أحد سكان الضاحية الجنوبية: "صخرة الروشة جزء من ذاكرة اللبنانيين، والسيد حسن نصرالله جزء من وجدان الملايين. لا أرى مانعاً من إضاءة صورته عليها في مُناسبة محدّدة، فهذا نوع من الوفاء لرجل ترك بصمة كبرى في تاريخ لبنان والمنطقة".

المعارضون: "تعدٍّ على السيادة والهوية"

تشير أوساط قانونية وخبراء إلى أن هذه الخطوة تتجاوز كل الحدود المقبولة، معتبرين أن "القانون صريح وواضح، ولا يجوز لأي حزب أو جهة أن تستعمل الأملاك العامة لأهداف سياسية. صخرة الروشة ليست ملكاً لفريق واحد، بل لجميع اللبنانيين، وتحويلها إلى لوحة حزبية يُعد انتهاكاً لرمزية المكان ومساساً بالسيادة الوطنية".

المتحفّظون: "لا نريد فتنة جديدة"

في مقابل المواقف المتباينة، يفضّل البعض اعتماد مقاربة أكثر حذراً، مؤكدين أنه "لا ينبغي الدخول في مواجهة جديدة تعمّق الانقسام. صحيح أن الخطوة قد تكون استفزازية للبعض، لكنها في الوقت نفسه قد تتحوّل إلى مادة خلافية تُستثمر سياسياً. الأفضل أن تُترك الرموز الوطنية خارج صراعات الداخل".

صوت من الخارج: "جئت لرؤية الطبيعة لا السياسة"

ومن بين السيّاح الذين يقصدون بيروت، تبرز نظرة مختلفة. تقول "إليزابيث"، سائحة ألمانية زارت الروشة للمرة الأولى: "سمعت كثيراً عن جمال هذا المكان وجئت خصيصاً لالتقاط الصور أمامه. أعتقد أن الصخرة يجب أن تبقى رمزاً طبيعياً وسياحياً بعيداً عن أي خلافات سياسية. الناس في العالم يريدون رؤية لبنان الجميل، لا نزاعاته الداخلية".

صورة على صخرة أم صورة للدولة؟

في الجوهر، النقاش لا يقتصر على صورة مضاءة ليلاً فوق البحر. المسألة أعمق بكثير: هل ما زالت الدولة اللبنانية قادرة على حماية رموزها الوطنية وأملاكها العامة؟

وإذا عجزت الدولة عن حماية صخرة الروشة، فهل ستنجح في حماية كيانها؟

المنشورات ذات الصلة